ثانوية صفية بنت شيبة للبنات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثانوية صفية بنت شيبة للبنات

منتديات ثانوية صفية بنت شيبة للبنات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الهوية ومعنى الشعور بالانتماء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ساعد وطني

ساعد وطني


عدد المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 18/07/2012

الهوية ومعنى الشعور بالانتماء Empty
مُساهمةموضوع: الهوية ومعنى الشعور بالانتماء   الهوية ومعنى الشعور بالانتماء I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 18, 2012 12:57 am


ربما يكون الشعور بالانتماء، خصوصا هذه الأيام، احدى أهم القضايا التي تتطلبها "المواطنة". في اعتقادنا أن الانتماء بحاجة إلى "مرجعية" يعود الانسان لها كلما شعر أنه بحاجة الى مكان يضمه وناس تؤويه، لذلك عندما سألني أحد الزملاء عن الشعور بالانتماء، وهل يمكن أن نصنع هذا الشعور أم أنه موجود في قلوب وعقول الناس وما علينا إلا أن نكتشفه ونظهره على السطح، قلت له ان السؤال يصب في صلب فلسفة عملنا في مركز التراث العمراني، فهل نحن نعمل من أجل المحافظة على ما تبقى من تراثنا العمراني ونحاول أن نستثمر هذا التراث وننميه ونطوره كي يكون محطة سياحية جاذبة، أم أن دورنا أكبر بكثير وأن علينا مسؤولية وطنية كبيرة وهي إعادة الشعور بالانتماء إلى الأرض وإلى الوطن؟ ومع ذلك فإن هذا السؤال يحيلنا إلى سؤال آخر هو: هل لدينا المقدرة التي تجعلنا نقوم بهذا الدور؟ في اعتقادي الشخصي أن تحريك الشعور بالانتماء لا يعتمد على الامكانات بقدر ما يعتمد على الايمان بالفكرة، وبالطبع الامر يحتاج إلى بعض الامكانات لكنها متوفرة أو يمكن توفيرها. هذه الايام، على سبيل المثال، هناك نشاط للأطفال، في مركز غرناطة في الرياض، للبناء بالطين وهو نشاط على نفس الغرار الذي قمنا به في السابق في مركز البحر الأحمر في جدة اثناء انعقاد ملتقى التراث العمراني الاول (نهاية العام الفائت)، ونرى أن مثل هذه الاعمال البسيطة يمكن أن نعممها في جميع مناطق المملكة ويمكن أن نجعل منها نشاطا مدرسيا خلاقا يعيد ربط الجسور بين الماضي والمستقبل. مشهد الاطفال في سوق غرناطة رائع، فلقد شاهدت طلفة عمرها 5 سنوات تعلم أخاها الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات كيف يبني بالطين. ومع ذلك نعتقد أن تحقيق الشعور بالانتماء يجب أن يكون هدفا ثقافيا/ اجتماعيا عاما، فالوسائل متعددة والطرق كثيرة لكن يجب أن توصلنا إلى نفس المحطة.
تناول التراث العمراني أكاديميا يقتضي أن يتم وفق منهج فكري واضح يبين علاقته بتشكيل الهوية المحلية والوطنية والقيمة الكبيرة التي يساهم بها هذا التراث في إثراء التعدد الثقافي داخل الهوية الوطنية الواحدة
ان تعزيز هذا الشعور بالارتباط بالأرض لا يتطلب عملا كثيرا لكنه يحتاج إلى مساندة جادة من وزارة التربيية والتعليم، وأنا هنا لا أريد الخوض في الجدل الذي يدور هذه الأيام حول عدم جدوى وسائل وطرق التعليم لدينا، لأن الهدف يبدو غائبا، والمسألة بالنسبة للوزارة هي تعليم القراءة والكتابة، إن استطاعت ذلك. الأمر المهم في الفترة القادمة نغير هذه الثقافة وأن نعمل مع هذه الوزارة لأنها بداية كل شيء، فلا نتوقع أن يتعزز الشعور بالانتماء دون أن يكون هناك نشاط مدرسي مرتبط بمفهوم المواطنة (والذي أرى أن التراث يشكل جزءا أصيلا منها) ويجب أن يكون هذا النشاط متعدد الأوجه، وهذا ما نفكر فيه الآن، فعلى سبيل التجربة في ملتقى التراث العمراني القادم الذي سيعقد بمشيئة الله في المنطقة الشرقية في نهاية هذا العام، نحاول أن نطور مجموعة أفكار وضعناها على شكل مسابقات تقوم بها المدارس في كل المراحل، وهي مسابقة ترميم مبنى تراثي ومسابقة الرسم لمواقع التراث العمراني ومسابقة "مكان وقصة" حيث تختار كل مدرسة أحد الأمكنة وتكتب حول قصته الاجتماعية والعمرانية بشكل عام وتوثق الناس والأحداث التي مرت بالمكان نفسه. ننوي أن تكون هذه المسابقات الثلاث هي المدخل لإدراج التراث العمراني ضمن مناهج التعليم العام. الشعور بالانتماء يجب أن يكون ضمن عمل ممنهج مفكر فيه بعناية، فالأمم لا تصنع هويتها وتكتشف ذاتها دون منهج عميق وواضح وطويل النفس.
اننا نرى أن هناك علاقة عميقة بين التراث العمراني والهوية، فهذه العلاقة تشكل جدلية فكرية مهمة غائبة عن الاذهان على المستوى الاكاديمي على وجه الخصوص، فتناول التراث العمراني أكاديميا يقتضي أن يتم وفق منهج فكري واضح يبين علاقته بتشكيل الهوية المحلية والوطنية والقيمة الكبيرة التي يساهم بها هذا التراث في إثراء التعدد الثقافي داخل الهوية الوطنية الواحدة. لقد تناول المفكر علي سالم فكرة الهوية من خلال علاقة الذات بنفسها وبالآخر وأكد أن المرء يولد بمفرده : ويموت بمفرده، لكنه لا يحيا إلا مع الآخرين وبالآخرين وللآخرين. ذلك أن الشعور الفردي لا ينطوي على أي انفصال مطلق عن عالم (الغير) الذي هو من مقومات الوجود الإنساني. فكما أنه ليس ثمة (ذات) من دون (العالم) فإنه ليس ثمة ذات من دون (الغير) وسواء كان الغير هو (الخصم) الذي أصطرع معه وأتمرد عليه وأسخر منه، أم كان (الصديق) الذي أتعاطف معه وأنجذب نحوه وأبادله حبا بحب، فأنني في كلنا الحالتين لا أستطيع أن أعيش من دونه" (جريدة الحياة، العدد 17263، السبت 10 تموز (يوليو) 2010، الموافق 28 رجب 1431ه). والحقيقة أنني على المستوى الشخصي مهتم بعلاقة "الجزء بالكل" ومهتم بشكل أكبر بفكرة أن "الفوضى" هي جزء من "النظام" وأرى أن نظرتنا للتراث والهوية المحلية يجب أن تكون نسبية، فنحن لا نستطيع أن نفصل بين التراث المحلي والتراث الوطني بل وحتى العربي والاسلامي، ورؤيتنا لذاتنا المحلية تحتاج فعلا إلى تحديد علاقتنا بالآخر. يتحدث علي سالم في نفس المقال عن استراتيجيتين لإدراك الذات وصياغة الهوية من خلال علاقة الذات بالآخر، الأولى: وهي موجبة "إذ تنطلق من الذات إلى الآخر، بحيث يكون إدراك الذات وتحديد مكوناتها الأساسية اللغوية والثقافية والعرقية والدينية وغيرها بمثابة عملية مستقلة سابقة على التعرف إلى الآخر، بمعنى أن الأمة هي وحدها تصوغ خصوصيتها في ضوء تاريخها وقسماته المميزة بكل حرية وثقة.
ومن هذه النقطة، أي بعد إدراك الذات، تبدأ محاولة التعرف على الآخر...". أما الاستراتيجية الثانية فهي سالبة، وتنطلق من مسار عكسي "أي من التعرف إلى الآخر نحو إدراك الذات. بمعنى أن الأمة لا تستطيع أن تحدد مكوناتها إلا بالتعرف على مكونات الآخر أولا". الاستراتيجية الأولى واثقة من نفسها وهي تعتمد بشكل كامل على فهم الذات (ونقصد هنا التراث والتاريخ المحلي المشكل للذات) وتصوغ علاقاتها مع الآخر وفق هذا التراث، انها هوية تعددية لا ترفض الآخر بقدر ما تعتز بذاتها. نحن ننظر للانتماء وللهوية الوطنية من خلال هذا المنظور، فهي هوية تتقبل الآخر وتمد الجسور معه وترتبط معه في الأصول والجذور وفي القيمة الانسانية لكنها هوية تصنع معاني لها خصوصيتها المحلية وهذا ما يجعلها قيمة خاصة غير متكررة.

د. مشاري بن عبدالله النعيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/amnfkri.ksa
 
الهوية ومعنى الشعور بالانتماء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ثانوية صفية بنت شيبة للبنات :: الفئة الأولى :: المنتدى العام-
انتقل الى: