السلام عليكم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
اما بعد
ادب المؤمن مع الله تعالى
-منزلة الادب من اعظم المنازل و اكملها اذ ان الادب هو اجتماع خصال الخير في العبد لانه الاخذ بمكارم الاخلاق و استعمال ما يحمد قولا و فعلا . و الدب مع الله تعالى اصل كل الادب بل لا يتصف احد بادب ان عدم الادب مع الله
قال تعالى :"ما لكم لا ترجون لله و قارا (13) و قد خلقكم اطوارا (14) الم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا(15)/سورة نوح/
1- وجوب التادب مع الله :
لا بد للمسلم ان ينظر الى ما لله تعالى عليه من نعم لا تعد و لا تحصى . اكتنفته من ساعة علوقة نطفة في رحم امه .و حينها يجب عليه ان يتادب معه سبحانه . فيشكره بلسانه بحمد و الثناء عليه بما هو اهله . و بجوارحه بتسخيرها في طاعته . اذ ليس من الادب في شيئ كفرا النعم و جحود فضل المنعم .و الله سبحانه يقول :"فاذكروني اذكركم و اشكروني و لا تكفرون"
2- لماذا نتادب مع الله :ان شكر المسلم ربه على نعمه و حيائه منه تعالى عند الميل الى معصيته .و صدق الانابة اليه و التوكل عليه و رجاء رحمته و الخوف من نقمته و حسن الظن به في انجاز وعده و انفاذ وعيده فيمن يشاء من عباده هو ادبه مع الله .و بقدر تمسكه به و محافظته عليه تعلو درجته و يرتفع مقامه و تسمو مكانته . فيصبح من اهل ولاية الله و رعايته و محط رحمته
3-من صور تادب الرسول صلى الله عليه و سلم مع الله تعالى :كان النبي صلى الله عليه و سلم احسن الناس خلقا و اكرمهم و اتقاهم . خاصة مع الله تعالى الذي قال مادحا اياه :"و انك لعلى خلق عظيم "
ومن كريم اخلاقه صلى الله عليه و سلم انه كان عبدا شكورا .حيث قام بواجب الشكر على اكمل وجه و امتثل لامر ربه . حيث تروي السيدة عائشة رضي الله عنها . فتقول :" كان النبي صلى الله عليه و سلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه . فقلت له :لم تصنع هذا يا رسول الله و قد غفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تاخر . فقال :افلا اكون عبدا شكورا "
و رغم انه غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تاخر الا انه كان اشد الناس خوفا من الله فيقول "و الله اني لاخشاكم لله و اتقاكم له"
و من تخلقه صلى الله عليه و سلم باخلاق القران فانه كان يحب ذكر الله و يامر به و يحث عليه .حيث قال صلى الله عليه و سلم :لان اقول سبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله و الله اكبر احب الي مما طلعت عليه الشمس "
4-كيف نتادب مع الله :
-الاخلاص :باخلاص النية لله في كل عمل نقوم به .فالاعمال الدنيوية المباحة تنقلب بالنية الطيبة الى عبادة . لذلك قال رسول الله تعالى صلى الله عليه و سلم :"اخلص دينك يكفيك العمل القليل "
اما الرياء فهو نقيض الاخلاص . فانه اذا دخل على العبادات قلبها الى اعمال توجب اللوم و العقوبة قال تعالى :"فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون (5) الذين هم يراءون (6) و يمنعون الماعون (7)
-التوكل :المؤمن اذا نظر الى قوته وجدها ضعيفة محدودة . اما اذا نظر الى قدرة الله فانه يجدها لا حد لها . لذلك فهو دائما يفوض اموره الى الله تعالى و يتوكل عليه في كل شيئ قال تعالى :"قل لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون "
قال صلى الله عليه و سلم :"لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تعود بطانا " . وحت الذين لا يؤمنون بالله و لا يتوكلون عليه يؤمنون بان هناك قوة وراء قواهم لكنهم يفسرونها بالطبيعة و غير ذلك ....فكيف بالمسلم و هو يؤمن بالله
لكن التوكل على الله لا يعني التخاذل و الكسل . بل لا بد من الاخذ بالاسباب . فقد جاء رجل الى النبي صلى الله عليه و سلم و اراد ان يترك ناقته فقال :ارسل ناقتي و اتوكل .فقال له النبي صلى الله عليه و سلم :اعقلها و توكل (اي اربطها و توكل )
-الصبر :من الادب مع الله ان يصبر العبد على ما اصابه و لا يجزع . لانه يعلم ان ما اصابه كان باذن الله .و قد ضرب الله لنا مثلا بنبيه ايوب عليه السلام الذي اثنى عليه باحسن الثناء لانه صبر فقال : "انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب " و حكم الله بالخسران على من لم يكن من اهل الصبر فقال :"و العصر (1) انا الانسان لفي خسر (2) الا الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر (3)
و قرن الصبر بالصلاة فقال : "و استعينوا بالصبر و الصلاة "
فنعم الصبر و نعم الصابرون
-الشكر : الشكر خلق من اخلاق المؤمنين .لان الايمان يعلمهم انهم و ما يملكون لله و ما هم فيه من نعم هو من فضل الله . فكيف لا يشكرون .و يعلمهم انهم اذا شكروا الله فانما يشكرون لانفسهم . لان هذا الشكر يعود اليهم . و الله غني عنهم .قال تعالى : " يايها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم و اشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون "
و قال سبحانه :"و لقد اتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله و من يشكر لله فانما يشكر لنفسه و من كفر فان الله غني حميد"
-الخوف: ينظر المسلم الى شدة بطش ربه . و الى سرعة حسابه قيتقيه بطاعته و بعدم معصيته . فيكون هذا ادبا مع الله . اذ ليس من الادب ان يجاهر العبد الضعيف العاجز لله عزوجل بالمعصية و الظلم "ان بطش ربك لشديد (12) انه هو يبدئ و يعيد (13)
فالخوف من الله سبحانه يتناسب مع قوة الايمان بالله و كلما الايمان قوي الخوف من الله .و كلما ضعف الايمان ضعف الخوف معه الخوف من الله
-الرجاء : من لوازم التادب مع الله ان لا ترجو احدا سواه . و ذلك بان ترجو الدار الاخرة و كل ما يقرب اليها من قول و عمل
و الرجاء بخلاف التمني . الذي هو ان تتمنى شيئا عظيما دزن ان تفكر في دفع الثمن كان تتمنى الجنة دزن ان تعمل لها . او ان تتمنى النجاة من النار دون ان تتقيها لذلك ربطالله عزوجل رجء ما عنده بالعمل فقال :" فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعبادة ربه احدا "
فالتمني بضاعة الحمقى . اما الذي يريد الوصول لمرتبة معينة فلا يتمى بل يرجو . لذلك كان السعي مرافقا للرجاء قال تعالى : "و من اراد الاخرة و سعى لها سعيها وهو مومن فاولائك كان سعيهم مشكورا "
-الحياء : الحياء دليل صادق على ما يتمتع به المرء من ادب و ايمان . و الحياء من الله اعلى درجات الحياء بعدم التقصير في طاعته . و قد روي عن الرسول صلى الله عليه و سلم انه قال لاصحابه :"استحيوا من الله حق الحياء " . فقالوا يارسول الله انا لنستحي من الله و الحمد لله قال : " ليس كذلك و لكن الاستحياء من الله حق الحياء ان تحفظ الراس وما و عى و البطن و ما حوى .و تذكر الموت و البلى و من اراد الاخرة ترك زينة الدنيا . فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء " و المراد ن يحفظ الانسان سمعه و بصره و لسانه الا في طاعة الله و ان يكون ماكله و مشربه من الرزق الحلال
-حسن الظن بالله :اذ ليس من الادب ان يسيئ المرء الظن بالله فيعصيه و يخرج عن طاعته و يظن انه غير مطلع عليه و هو يقول : " و لكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون (22) و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين (23) "
كما انه ليس من الادب مع الله تعالى ان يتقيه المرء و يطيعه و يظن انه غير مجازيه بحس عمله و لا هو قابل منه طاعته و عبادته و هو عز وجل يقول : " من عمل صالحا من ذكر و انثى و هو مومن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون "
-القسم بالله : من الادب مع الله في اليمين ( الحلف) ان لا نقسم الا به سبحانه لقوله صلى الله عليه و سلم "من كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت " اذ لا يصح الحلف باي شيئ كان من المخلوقات . اما الله عزو جل فله ان يحلف با شاء من مخلوقاته و من حنث بالله عليه ان لا يحمث في يمينه
(منقول من كاتب )