إن صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورضي الله عنهم لهم منزلة عظيمة، وحقوق على الأمة الإسلامية كثيرة، وهذه الحقوق من الأمور التي تدخل ضمن الاعتقاد فيما يجب لهم ـ رضي الله عنهم -:
أ ـ فهم أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، إذ صحبوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وآزروه ونصروه، واتبعوا هديه.
ب ـ وهم أول الذين يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، وينصرون الله ورسوله، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
(الجزء رقم : 78، الصفحة رقم: 121)
ج ـ وهم الذين نقلوا إلى الأمة الإسلامية هذا الدين خير نقل، في أمانة ووفاء لا مثيل لها فحفظوا القرآن الكريم على صدورهم ، وكانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يحفظوهن ويتعلموا ما فيها من العلم والعمل. ثم نالوا شرف جمعه في المصاحف التي بين أيدينا، فقد حفظوا عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أقواله، وأفعاله، ونومه، ويقظته، وحركته ، وسكونه، وقيامه وقعوده، واجتهاده ، وعبادته، وسيرته ، وسراياه ، ومغازيه، ومزاحه، وزجره، وخطبه، ووصاياه، وأكله ، وشربه، ومعاملته أهله ، وتأديبه فرسه، وكتبه إلى المسلمين والمشركين وعهوده ، ومواثيقه، وألفاظه ، وأنفاسه، وصفاته، فكل كلمة تلفظ بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أي مناسبة من المناسبات: سجلها الصحابة في أذهانهم، وعقلوها بقلوبهم، وطبقوها على أنفسهم، وعلموها لمن بعدهم، فنبيهم هو القدوة، ورسولهم هو الأسوة: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا .
د ـ إن القرآن الكريم شهد لهم بالجنة في أكثر من آية، كما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شهد لعشرة من الصحابة بالجنة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد،
(الجزء رقم : 78، الصفحة رقم: 122)
وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، ومن شهد له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وجب على الأمة أن تشهد له بالجنة، ولذلك لما سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الشهادة للعشرة فقال: نعم أشهد للعشرة بالجنة .
هـ ـ إن أهل السنة والجماعة يجمعون على حجية أقوال الصحابة ما لم تخالف ما جاء عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويقررون أيضاً خلافة الأربعة جميعاً ـ رضي الله عنهم ـ واحداً بعد الآخر، قال عبد الله بن أحمد سألت أبي عن الأئمة فقال: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي .
و ـ وإن الله تعالى في كتابه الكريم أوجب على الأمة محبة الصحابة فقال سبحانه بعد ذكر المهاجرين والأنصار : وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .