آداب الصبر
عند حلول البلاء بالعبد يتبين قوي الإيمان واليقين من غيره ، فالعبد الموقن بالله والمؤمن به إيمانا قويا جازما يلتجئ إلى الله تعالى إذا نزل به البلاء ، ويلتزم بآداب الصبر التي جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بها والحث عليها ، أو جاءت بالنهي عن ضدها .
وهـذه الآداب منها آداب ظاهرة جلية تظهر على اللسـان والجـوارح ، ومنها آداب خفية قلبية . وسأخصص في هذا الفصل - إن شاء الله - لكـل نوع منهما مبحثا مستقلا ، أتناول فيه هذه الآداب بشيء من البيان والتفصيل ؛ من خلال ما ورد بشأنها من نصوص شرعية وأقوال مأثورة لعلماء الأمة وأئمتها ، وذلك على النحو التالي :
(الجزء رقم : 75، الصفحة رقم: 156)
المبحث الأول : آداب الصبر الظاهرة :
تتمثل أبرز آداب الصبر الظاهرة فيما يلي :
1 - الصبر عند أول حلول البلاء أو المصيبة بالعبد :
فقد دلت النصوص الشرعية أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كـان عند مفاجـأة المصيبة ، بخلاف ما بعد ذلك فإنه على الأيام يسلو ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر ، فقال : اتقي الله واصبري ، قالت : إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه ، فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابيـن ، فقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى .
يقول ابن ناصر الدين الدمشقي في تعليقه على هذا الحديث : معناه أن كل ذي مصيبة آخر أمره الصـبر ، ولكنه إنما يحمد عند حدتها وفور شدتها ، لأن مصير ذي الجزع إلى السلوان ، ولو أقام على قبر ميته مدة زمان .
(الجزء رقم : 75، الصفحة رقم: 157)
ويقول ابن القيم : إذا كان آخر الأمر الصبر ، والعبد غير محمود ، فما أحسن به أن يستقبل الأمر في أوله بما يستدبره الأحمق في آخره . وقد قال بعض العقلاء : من لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم .