قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
جاءت هذه الآية بعد بيان حد الزنى والتنفير منه ومن أهله، وذلك أن الله عز وجل لما عظَّم أمر الزاني بوجوب إقامة الحد عليه، وأنه لا تجوز مقارنته، ولا مخالطته عظَّم الإقدام على الأعراض بالرمي بفاحشة الزنى، أي: بعد بيان عقوبة من فعله يأتي حكم عقوبة من تكلم به لقطع دابر هذه الفاحشة من كل وجه ، وهذه الآية تعتبر حصنًا منيعًا من الخوض في أعراض المؤمنين وإشاعة الفساد لمجرد الشك، وهي الضمان الواقي من الوقوع في الفاحشة، وأن التساهل في هذا الأمر يؤدي إلى نشر الرذيلة وإشاعة الفاحشة ومن ثَمَّ الوقوع فيها.
وترك الألسن تلقي التهم على الأعِفَّاء والعفيفات بدون دليل قاطع يعطي الفرصة لكل نفس مريضة أن تقذف كل برئ أو بريئة بهذه الجريمة.
وصيانة للأعراض وحماية لأصحابها شدد القرآن الكريم في عقوبة القذف، فجعل حدَّها ثمانين جلدة، وزاد عليه بأن أسقط شهادة صاحبها، ووصمه بالفسق.
والرمي حقيقته: قذف شيء من اليد، وشاع استعماله في نسبة فعل أو وصف إلى شخص، ويستعمل في المقال كناية عن الشتم كالقذف .
وإنما استعمل لفظ يَرْمُونَ ، في القذف لأن الأذى باللسان كالأذى بالجوارح، وطعن اللسان كوخز السنان .
والمراد بالرمي هنا القذف بالزنى بدليل ذكر المحصنات عقيب الزواني ولاشتراط أربعة شهداء؛ لأن القذف بغير الزنى لا يشترط فيه أربعة .