الحمد لله فاطر السموات والأرض ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير قدوةٍ وأُسوة ، نبينا محمد بن عبد الله الأمين ، وعلى آله وصحبه الغر الميامين ، وعلى التابعين ، وتابع التابعين ، وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين ؛ أما بعد ؛
فإن الإسلام دين الفطرة التي قال فيها الحق سبحانه : { فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } ( سورة الروم: من الآية 30 ) . ولأن للفطرة كثيراً من المعاني التي لا يتسع المُقام لبيانها ؛ فإنني سأقتصر على المعنى الذي يخُصُ موضوعنا وهو المعنى الذي يرى أن الفطرة تتمثل في طهارة المسلم الظاهرية والباطنية، فـأمـا طهارة الباطن فهـي متعلقة بالجانب الروحي من شخصية الإنسان ، وتعني تطهير النفس الإنسانية بمُختلف جوانبها من الشرك بالله تعالى ، وهي بذلك طهارةٌ تتطـلـب إخــلاص العـبادة لله وحده لا شريك له، وأداء الأعمال الصالحة الخيّرة طاعةً لله تعالى ، وامتثالاً لأوامره سبحانه ، وطلباً لمرضاته جل في عُلاه .
وأما طـهـارة الـظـاهر فهي مُتعلقةٌ بجوانب الفطرة العملية التي تشتمل على كل ما له علاقةٌ بجمال مظهر الإنسان المسلم وحُسن سمته ؛ لما في ذلك من ملاءمةٍ للفطرة السوية التي خلق الله الإنسان عليها في أحسن تقويم ، ولما فيها من التزامٍ فعليٍ بهدي النبوة المبارك الذي جاءت به التربية الإسلامية واضحاً جلياً ؛ فعن ابن عباس م أن النبي ض قال : " الاقتصاد و السمتُ الصالح جزءٌ من خمسة وعشرين جــزءاً مـن النبوة "